قد لا يكون غريبا أن تجد امرأة فاتت الستين ولم تتزوج …
قد لا يكون غريبا أن تعيش هذه المرأة وحيدة بلا مؤنس …
قد لا يكون غريبا أن تكون هذه المرأة مصابة بمرض مزمن …
وأنها تتعاطى يوميا دواء (يجب أن يحفظ في ثلاجة) يخفف عنها آلام المرض ….
لكن أن تمشي هذه المراة العجوز نصف كيلومتر يوميا لكي تتناول جرعتها من الدواء الذي لم تجد مكانا لحفظه إلا ثلاجة العم محمد تاجر الحي … فهذا من غربب ما نسمعه في ايامنا.
وليس الغرابة فيما يحدث للمرأة، فإنه يحدث لغيرها ما هو أسوأ منه وأغرب، ولكن الغرابة فيما يحدث لنا نحن أبناء حيها وجيرانها وأقاربها …. كيف يعقل أن يحدث هذا على مقربة منا دون أن نسمع !!! ألم يخطر ببال أحد زارها أن يلحظ ذلك !!!
لكن لكل أجل كتاب، والحمد لله أن سخر من عباده من أعلم جمعية ينابيع الخير بالحالة فسارعت لشراء ثلاجة وإيصالها للمرأة.
وفي أثناء شرحي لكيفية استعمال الثلاجة قلت لها فيما قلت أنه يجب أن تحفظ اللحوم في الجزء الأعلى، فإذا بالمراة تبتسم.
قلت : مالذي دفعك للتبسم؟
قالت : ومن أين لي باللحم يا بني.
شعرت بخجل شديد لم أستطع أن أخفيه. كانت زلة لسان لم أحسب لها حساب. اللهم غفرا.
وما أثلج صدري وأبهت أمري أن المرأة العفيفة على ما فيه من حال لا يعلمه الا الله، بادرتنا ونحن على عتبة الباب قائلة: هل ترضون أن أسدد لكم ثمنها بمبلغ شهري قدره عشرون دينار؟ يا لعفتها …
اللهم ألهمنا شكر نعمتك، ووفقنا لفعل الخير وتقبله منا.
اللهم إن شئت أن تبتلينا بالشدة، فارزقنا التعفف والستر ما أحييتنا.